الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً} [٢٠/١٠٥-١٠٧].
ومن هذا الحديث عن ابن عباس وعن علي وساق هذا الثاني ابن كثير عن ابن جرير بسنده إلى علي بن الحسين أن النبي ﷺ قال: "إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه فأكون أول من يدعى" الحديث.
وعن ابن عباس: تمد كما يمد الأديم العكاظي.
وعند القرطبي عن ابن عباس: "يزاد فيها كذا وكذا".
وقال الرازي هو بمعنى تبدل الأرض غير الأرض والواقع أن استبدال الأرض غير الأرض ليس على معنى الذهاب بهذه الموجودة والإتيان بأرض جديدة لما جاء في حديث الأذان "ما من حجر ولا مدر ولا شجر يسمع صوت المؤذن إلا سيشهد له يوم القيامة" والذي يؤتى له من جديد لا يتأتى له أن يشهد على شيء لم يشهده وعلى كل فإن تسيير الجبال وتسوية الأرض لا شك أنه يوجد زيادة في وجه الأرض ومساحتها فسواء مدت بكذا وكذا كما قال ابن عباس أو مدت بتوسعة أديمها وزيد في بسطها بعد أن تلقى ما في جوفها كالشيء السميك إذا ما ضغط فخفت سماكته وزادت مساحته كما يشير إليه قوله تعالى ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً﴾ [٨٩/٢١].
وقوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾ [٦٩/١٣-١٦].
فيكون مد الأرض بسبب دكها فيزاد في بسطها ولعل هذا الوجه هو ما يشهد له القرآن لجمع الأمرين هنا ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾، فهو وفق ما في هذه السورة: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، وبعدها: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾ والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ [الانشقاق: ٤]