فقيل راجعان إلى من أحرقوا وأقعدوا عليها.
وقيل راجعان إلى الكفار.
وعليه نفي قوله ﴿عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾ إشكال وهو كيف يتمكن لهم القعود على النار.
فقيل إنها رجعت عليهم فأحرقتهم فقعودهم عليها حقيقة.
وقيل قعود على حافتها كما تقول قعود على النهر أو على البئر أو على حافته وحوله كما يقال نزل فلان على ماء كذا أي عنده.
وأنشد أبو حيان بيت الأعشى:
تشب لمقرورين يصطليانها | وبات على النار الندى والمحلق |
ولكن في الآية قرينة على أن الضمائر راجعة إلى الكفار الذين قتلوا المؤمنين وأحرقوهم وهي قوله ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ [٨٥/١٠]، حيث رتب العذاب المذكور على عدم التوبة وجاء بثم التي هي للتراخي مما يدل على أنهم لم تحرقهم نارهم انتقاما منهم حالا بل أمهلوا ليتوبوا من فعلتهم الشنيعة وإلا فلهم العذاب المذكور في الآخرة والله تعالى أعلم.
﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ﴾ [البروج: ٧].
بمعنى حضور يتفق قوله تعالى: ﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾ [٨٥/٦]، أي حضور يشاهدون إحراق المؤمنين وهذا زيادة في التبكيت بهم إذ يرون هذا المظهر بأعينهم ولم يشفقوا بهم ولم يعتبروا بثباتهم.
قوله تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج: ٨].
هذا ما يسمى أسلوب المدح بما يشبه الذم ونظيره في العربية أقوال الشاعر:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم | بهن فلول من قراع الكتائب |