الثالثة قد يكون أخبره لأنه قال ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ فهو وإن لم يصرح هل هو تزكى أم لا، إلا أن لعل من الله تعالى للتحقيق كما هو معلوم.
تنبيه آخر
قال كثير من المفسرين أقسم الله بالسماء وبالنجم الطارق لعظم أمرهما وكبر خلقهما كما في قوله ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ [٥٦/٧٥-٧٦]، ولأنه أقسم بالنجم إذا هوى وفيما تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ترجيح كون مواقع النجوم ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ [٥٣/١]، إنما هو نجوم القرآن وتنزيله منجما وهو به نزول الملك به على النبي صلى الله عليه وسلم.
﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ [الطارق: ٤].
قيل ﴿حافظ﴾، لأعماله يحصيها عليه كما في قوله ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [٥٠/١٨].
وقيل: ﴿حافظ﴾ أي حارس كقوله تعالى ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [١٣/١١]، والسياق يشهد للمعنيين معا لأن قوله تعالى بعده ﴿فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ [٨٦/٥-٧] يدل على أنه في تلك المراحل في حفظ فهو أولا: ﴿فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ [٢٣/١٣].
وفي الحديث: "إن الله وكل بالرحم ملكا" الحديث.
وبعد بلوغه سن التكليف يجري عليه القلم فيحفظ عليه عمله فلا مانع من إرادة المعنيين معا وليس هذا من حمل المشترك على معنييه لأن كلا من المعنيين له متعلق يختص بزمن خلاف الآخر.
﴿فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ [الطارق: ٥].
﴿الْأِنْسَانَ﴾ هنا خاص ببني آدم وذريته عامة ولم يدخل فيه آدم ولا حواء ولا عيسى عليه السلام لأنه بين ما خلق منه وهو في قوله تعالى ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾.