بعض وكان مختصا بالعباد منهم مع أن غير العباد منهم يكونون أسوأ عملا ويستوجبون أشد عقوبة.
السابع: أن هذا الخطاب لو جعل لهم في الدنيا لكان مثله ينفر من أصل العبادة والتنسك ابتداء أي وقد جاءت السنة بترك أصحاب الصوامع والمتنسكين دون التعرض لهم بقتل ولا قتال كما أنها أقرت أصحاب الديانات على دياناتهم مما يشعر باحترام أصل التعبد لعموم الجنس كما أشار.
وقد أوردنا مجمل كلامه رحمه الله لئلا تتخذ الآية على غير ما هو الراجح فيها أو يحمل السياق على غير ما سيق له وقد ختم كلامه بتوجيه لطيف بقوله ثم إذا قيد ذلك بعبادة الكفار والمبتدعة وليس في الخطاب تقييد كان هذا سعيا في إصلاح الخطاب بما لم يذكر فيه ا هـ.
ومن الذي يعطي نفسه حق إصلاح الخطاب في كلام رب العالمين إنها لفتة إلى ضرورة ومدى أهمية تفسير القرآن بالقرآن الذي نهجه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن.
وقد بدا لي وجه آخر وهو لو جعل هذا العمل الكفار والمبتدعة، لكان منطوقه أن العذاب وقع عليهم مجازاة على عملهم ونصبهم في عبادتهم تلك، والحال أن عذاب الكفار عموما إنما هو على ترك العمل لله وحده، وعقاب المبتدعة فيما ابتدعوه من ضلال فإذا كان ما ابتدعوه لا علاقة له بأركان الإسلام ولا بالعقيدة، وإنما هو في فروع من العبادات ابتدعوها لم تكن في السنة، فإنهم وإن عملوا ونصبوا فلا أجر لهم فيها، ولا يقال: إنهم يعذبون عليها بطل ذلك المذكور مع سلامة العقيدة في التوحيد، والقيام بالواجب في أركان الإسلام إذ العذاب المذكور ليس مقابلا بالعمل والنصيب المذكور والله تعالى أعلم. ﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥].
قيل: حاضرة، وقيل: شديدة الحرارة، وهذا الأخير هو ما يشهد له القرآن في قوله تعالى ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ ومعلوم أن الحميم شديد الحرارة كما أن حملها على معنى حاضرة لم يكن فيه بيان معنى ما في تلك العين من أنواع الشراب


الصفحة التالية
Icon