يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} [٣٦/٧١-٧٣].
وكذلك في خصوصها في قوله: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [١٦/٥-٧].
إنها نعم متعددة ومنافع بالغة لم توجد في سواها ألبتة وكل منها دليل على القدرة بذاته أما الجبال فهي مما يملأ عيونهم في كل وقت ويشغل تفكيرهم في كل حين لقربها من حياتهم في الأمطار والمرعى في سهولها والمقيل في كهوفها وظلها والرهبة والعظمة في تطاولها وثباتها في مكانها وقد وجه الأنظار إليها أيضا في موطن آخر في قوله تعالى ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾ [٧٨/٦-٧]، ثوابت كما بين تعالى أنها رواسي للأرض أن تميد بكم والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم، فهي مرتبطة بحياتهم وحياة أنعامهم كما أسلفنا.
أما السماء ورفعها، أي: ورفعتها في خلقها وبدون عمد ترونها وبدون قطور أو تشقق على تطاول زمنها، فهي أيضا محط أنظارهم وملتقى طلباتهم في سقيا أنعامهم.
ومعلوم أن خلق السماء والأرض من آيات الله الدالة على البعث كما تقدم مرارا.
وتقدم للشيخ عند قوله تعالى ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية [٢/١٦٤]، بيان كونها آية، أما الأرض وكيف سطحت، فإن الآية فيها مع عمومها كما في قوله: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [٤٠/٥٧].
وقوله ﴿كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ [٨٨/٢٠] آية ثابتة لأن جرمها مع إجماع المفسرين على تكويرها فإنها ترى مسطحة أي من النقطة التي هي في امتداد البصر وذلك يدل على سعتها وكبر حجمها، لأن الجرم المتكور إذا بلغ من الكبر والضخامة حدا بعيدا يكاد سطحه يرى مسطحا من نقطة النظر إليه، وفي كل ذلك آيات متعددات للدلالة على قدرته تعالى على بعث الخلائق وعلى إيقاع ما يغشاهم على مختلف أحوالهم.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه التنبيه على هذا المعنى عند الكلام على


الصفحة التالية
Icon