﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ : ذكر المفسرون أكثر من عشرين قولا ومجموعها يشمل جميع المخلوقات جملة وتفصيلا.
أما جملة فقالوا إنما الوتر هو الله للحديث: "إن الله وتر يحب الوتر" وما سواه شفع كما في قوله تعالى ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ [٥١/٤٩]، فهذا شمل كل الوجود الخالق والمخلوق كما في عموم ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لا تُبْصِرُونَ﴾ [٦٩/٣٨-٣٩].
أما التفصيل فقالوا المخلوقات إما شفع كالحيوانات أزواجا والسماء والأرض والجبل والبحر والنار والماء وهكذا ذكروا لكل شيء مقابله ومن الأشياء الفرد كالهواء وكلها من باب الأمثلة.
والواقع أن أقرب الأقوال عندي والله أعلم أنه هو الأول لأنه ثبت علميا أنه لا يوجد كائن موجود بمعنى الوتر قط حتى الحصاة الصغيرة.
فإنه ثبت أن كل كائن جماد أو غيره مكون من ذرات والذرة لها نواة ومحيط وبينهما ارتباط وعن طريقهما التفجير الذي اكتشف في هذا العصر حتى في أدق عالم الصناعة كالكهرباء فإنها من سالب وموجب وهكذا لا بد من دورة كهربائية للحصول على النتيجة من أي جهاز كان حتى الماء الذي كان يظن به البساطة فهو زوج وشفع من عنصرين أكسجين وهدروجين ينفصلان إذا وصلت درجة حرارة الماء إلى مائة أي الغليان ويتآلفان إذا نزلت الدرجة إلى حد معين فيتاقطران ماء وهكذا.
ونفس الهواء عدة غازات وتراكيب فلم يبق في الكون شيء قط فردا وترا بذاته إلا ما نص عليه الحديث: "إن الله وتر يحب الوتر" ويمكن حمل الحديث على معنى الوتر فيه مستغني بذاته عن غيره والواحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله فصفاته كلها وتر كالعلم بلا جهل والحياة بلا موت إلخ بخلاف المخلوق وقلنا المستغني بذاته عن غيره لأن كل مخلوق شفعا فإن كل عنصر منه في حاجة إلى العنصر الثاني ليكون معه ذاك الشيء والله سبحانه بخلاف ذلك ولهذا كان القول الأول وهو أن الوتر هو الله والشفع هو المخلوقات جميعها هو القول الراجح وهو الأعم في المعنى.
قوله ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾، اتفق المفسرون على المعنى وهو سريان الليل، ولكن