بسم الله الرحمن الرحيم
سورة البلدقوله تعالى: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد: ١].
تقدم الكلام على هذه اللام وهل هي لنفي القسم أو لتأكيده وذلك عند قوله تعالى: ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [٧٥/١]، إلا أنها هنا ليست للنفي لأن الله تعالى قد أقسم بهذا البلد في موضع آخر وهو في قوله تعالى: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ [٩٥/١-٣] لأن هذا البلد مراد به مكة إجماعا لقوله تعالى بعده ﴿وَأَنْتَ﴾ أي الرسول ﷺ ﴿حِلٌّ﴾ أي حال أو حلال ﴿بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [٩٠/٢]، أي مكة، على ما سيأتي إن شاء الله.
وقد ذكر القرطبي وغيره نظائرها من القرآن والشعر العربي مما لا يدل على نفي كقوله تعالى: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [٧/١٢]، مع أن المراد ما منعك من السجود وكقول الشاعر:
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة | وكاد صميم القلب لا يتقطع |
وقد بحثها الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بحثا مطولا في دفع إيهام الاضطراب.
وقوله تعالى ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد: ٢].
﴿حِلٌّ﴾ : بمعنى حال، والفعل المضعف يأتي مضارعه من باب نصر وضرب، فإن كان متعديا كان من باب نصر
تقول: حل العقدة يحلها بالضم، وتقول: حل بالمكان يحل بالكسر إذا أقام فيه، والإحلال دون الإحرام.