﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: ١٠]
النجد: الطريق، وهو كما تقدم في سورة "الإنسان" بعد تفصيل خلق الإنسان ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ [٧٦/٢-٣]، أي الطريق على كلا الأمرين بدليل ﴿إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾ [٧٦/٣].
وتقدم المعنى هناك ويأتي في السورة بعدها عند قوله تعالى ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [٩١/٨]، زيادة إيضاح له، إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ [البلد: ١١].
وقد بين المراد بالعقبة فيما بعد بقوله ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾ [٩٠/١٢]، ثم ذكر تفصيلها.
وقد ذكر أن كل ما جاء بصيغة ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾، فقد جاء تفصيله بعده كقوله تعالى ﴿الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ [١٠١/١-٤]، وما بعدها.
وتقدم عند قوله تعالى ﴿الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ﴾ [٦٩/١-٢].
وفي تفسير العقبة بالمذكورات فك الرقبة وإطعام اليتيم والمسكين توجيه إلى ضرورة الإنفاق حقا لا ما يدعيه الإنسان بدون حقيقة في قوله ﴿أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً﴾ [٩٠/٦].
أما فك الرقبة: فإنه الإسهام في عتق الرقيق والاستقلال في عتقها يعبر عنه بفك النسمة.
وهذا العنصر من العمل بالغ الأهمية حيث قدم في سلم الاقتحام لتلك العقبة.
وقد جاءت السنة ببيان فضل هذا العمل حتى أصبح عتق الرقيق أو فك النسمة يعادل به عتق المعتق من النار كل عضو بعضو وفيه نصوص عديدة ساقها ابن كثير وفي هذا إشعار بحقيقة موقف الإسلام من الرق ومدى حرصه وتطلعه إلى تحرير الرقاب.