والأحاديث في الإحسان إلى اليتيم متضافرة ويكفي قوله ﷺ "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهذين" أي السبابة والتي تليها.
قوله تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ [البلد: ١٦].
قيل: المسكين من السكون وقلة الحركة، والمتربة: اللصوق بالتراب.
وقد اختلف في التفريق بين المسكين والفقير أيهما أشد احتياجا وما حد كل منهما فاتفقوا أولا على أنه إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا وإذا ذكر أحدهما فقط فيشمل الثاني معه ويكون الحكم جامعا لهما كما هو هنا، فالإطعام يشمل الإثنين معا، وإذا اجتمعا فرق بينهما بالتعريف.
فالمسكين كما تقدم والفقير قالوا ماخوذ من الفقرة وهي الحفرة تحفر للنخلة ونحوها للغرس فكأنه نزل إلى حفرة لم يخرج منها.
وقيل: من فقار الظهر وإذا أخذت فقار منها عجز عن الحركة فقيل على هذا الفقير أشد حاجة ويرجحه ما جاء في قوله تعالى ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ [١٨/٧٩] فسماهم مساكين مع وجود سفينة لهم يتسببون عليها للمعيشة ولقوله ﷺ "اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا" الحديث مع قوله ﷺ "اللهم إني أعوذ بك من الفقر" وهذا الذي عليه الجمهور خلافا لمالك.
وقد قالوا في تعريف كل منهما: المسكين من يجد أقل ما يكفيه، والفقير: من لا يجد شيئا والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: ١٧].
هذا قيد في اقتحام العقبة بتلك الأعمال من عتق أو إطعام لأن عمل غير المؤمن لا يجعله يقتحم العقبة يوم القيامة لإحباط عمله ولاستيفائه إياه في الدنيا و ﴿ثُمَّ﴾ هنا للترتيب الذكري لا الزمني لأن الإيمان مشروط وجوده عند العمل.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان شروط قبول العمل وصحته في سورة الإسراء عند قوله تعالى ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [٢٠/١١٢]، وكقوله ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [١٧/١٩]، وقوله: {مَنْ


الصفحة التالية
Icon