بصفة من صفات الله وهي صفة الخلق ويكون خص الذكر والأنثى لما فيهما من بديع صنع الله وقوة قدرته سبحانه على ما يأتي.
وعلى قراءة ﴿والذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾. يكون القسم بالمخلوق كالليل والنهار لما في الخلق من قدرة الخالق أيضا وعلى أنها بمعنى الذي يكون القسم بالخالق سبحانه وتكون ما هنا مثل ما في قوله ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ [٩١/٥]، وغاية ما فيه استعمالها وهي في الأصل لغير أولي العلم إلا أنها لوحظ فيها معنى الصفة وهي صفة الخلق أو على ما تستعمله العرب عند القرينة كقوله تعالى ﴿وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾ [٤/٢٢]، وقوله ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [٤/٣]، لما لوحظ فيه معنى الصفة وهو الاستمتاع ساغ استعمال ما بدلا عن من.
وفي اختصاص خلق الذكر والأنثى في هذا المقام لفت نظر إلى هذه الصفة لما فيها من إعجاز البشر عنها كما في الليل والنهار من الإعجاز للبشر من أن يقدروا على شيء في خصوصه كما قدمنا في السورة قبلها.
وذلك أن أصل التذكير والتأنيث أمر فوق إدراك وقوى البشر وهي كالآتي أولا في الحيوانات الثديية وهي ذوات الرحم تحمل وتلد فإنها تنتج عن طريق اتصال الذكور بالإناث.
وتذكير الجنين أو تأنيثه ليس لأبويه دخل فيه إنه من نطفة أمشاج أي أخلاط من ماء الأب والأم وجعل هذا ذكرا وذاك أنثى فهو هبة من الله كما في قوله ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [٤٢/٤٩-٥٠].
وقد ثبت علميا أن سبب التذكير والتأنيث من جانب الرجل أي أن ماء المرأة صالح لهذا وذاك وماء الرجل هو الذي به يكون التمييز لانقسام يقع فيه فالمرأة لا تعدو أن تكون حرثا والرجل هو الزارع ونوع الزرع يكون عن طريقه كما أشارت إليه الآية الكريمة ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ [٢/٢٢٣]، والحرث لا يتصرف في الزرع وإنما التصرف عن طريق الحارث.
ويتم ذلك عن طريق مبدء معلوم علميا وهو أن خلية التلقيح في الأنثى دائما وأبدا


الصفحة التالية
Icon