واختلف في معنى شرح الصدر إلا أنه لا منافاة فيما قالوا وكلها يكمل بعضها بعضا.
فقيل: هو شق الصدر سواء كان مرة أو أكثر، وغسله وملؤه إيمانا وحكمة، كما في رواية مالك بن صعصعة في ليلة الإسراء، ورواية أبي هريرة في غيرها.
وفيه كما في رواية أحمد: أنه شق صدره وأخرج منه الغل والحسد في شيء كهيئة العلقة وأدخلت الرأفة والرحمة.
وقيل: شرح الصدر: إنما هو توسيعه للمعرفة والإيمان ومعرفة الحق، وجعل قلبه وعاء للحكمة.
وفي البخاري عن ابن عباس "شرح الله صدره للإسلام"
وعند أبي كثير نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا كقوله ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ﴾ [٦/١٢٥].
والذي يشهد له القرآن أن الشرح هو الانشراح والارتياح، وهذه حالة نتيجة استقرار الإيمان والمعرفة والنور والحكمة كما في قوله تعالى ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [٣٩/٢٢]، فقوله ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾، بيان لشرح الصدر للإسلام
كما أن ضيق الصدر، دليل على الضلال، كما في نفس الآية ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً﴾ الآية [٦/١٢٥].
وفي حاشية الشيخ زادة علي البيضاوي قال لم يشرح صدر أحد من العالمين كما شرح صدره عليه السلام حتى وسع علوم الأولين والآخرين فقال: "أوتيت جوامع الكلم" ا هـ.
ومراده بعلوم الأولين والآخرين ما جاء في القرآن من أخبار الأمم الماضية مع رسلهم وأخبار المعاد وما بينه وبين ذلك مما علمه الله تعالى
والذي يظهر والله تعالى أعلم، أن شرح الصدر الممتن به عليه صلى الله عليه وسلم، أوسع وأعم


الصفحة التالية
Icon