وفي هذا كما قدمنا توجيه لكل داعية إلى الله أن يكون رحب الصدر هادى ء النفس متجملا بالصبر.
وقوله ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ [٩٤/٢]، والوضع يكون للحط والتخفيف ويكون للحمل والتثقيل فإن عدي بعن كان للحط وإن عدي بعلى كان للحمل في قولهم وضعت عنك ووضعت عليك والوزر لغة: الثقل.
ومنه ﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ أي: ثقلها من سلاح ونحوه.
ومنه: الوزير المتحمل ثقل أميره وشغله وشرعا الذنب كما في الحديث: "ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"، وقد يتعاوران في التعبير كقوله تعالى ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً﴾ [١٦/٢٥]، وقوله مرة أخرى ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [٢٩/١٣].
وقد أفرد لفظ الوزر هنا، وأطلق، ولم يبين ما هو وما نوعه، فاختلف فيه اختلافا كثيرا.
فقيل: ما كان فيه من أمر الجاهلية وحفظه من مشاركته معهم فلم يلحقه شيء منه.
وقيل: ثقل تألمه مما كان عليه قومه ولم يستطع تغييره وشفقته ﷺ بهم أي كقوله تعالى ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً﴾ [١٨/٦]، أي أسفا عليهم.
وقال أبو حيان: هو كناية عن عصمته ﷺ من الذنوب وتطهيره من الأرجاس.
وقال ابن جرير: وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها.
وقال ابن كثير: هو بمعنى ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾
فكلام أبي حيان يدل على العصمة وكلام ابن جرير يدل على شيء في الجاهلية وكلام ابن كثير مجمل.