والثاني: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ [البقرة: ٢١].
ثم بين الموجب بقوله: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١].
ثم عدد عليهم نعمه بقوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢].
فهذه النعم تعادل الإطعام من جوع والأمن من خوف في حق قريش ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ١-٢].
وقد بين تعالى أن الشكر يزيد النعم والكفر يذهبها إلا ما كان استدراجا فقال في شكر النعمة ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [ابراهيم: ٧].
وقال في الكفران وعواقبه: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [النحل: ١١٢].
وبهذه المناسبة إن على كل مسلم أفرادا وجماعات أن يقابلوا نعم الله بالشكر وأن يشكروها بالطاعة والعبادة لله وأن يحذروا كفران النعم.
تنبيه آخر
في الجمع بين إطعامهم من جوع وآمنهم من خوف نعمة عظمى لأن الإنسان لا ينعم ولا يسعد إلا بتحصيل النعمتين هاتين معا إذ لا عيش مع الجوع ولا أمن مع الخوف وتكمل النعمة باجتماعهما.
ولذا جاء الحديث "من أصبح معافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فقد اجتمعت عنده الدنيا بحذافيرها".
تنبيه آخر
إن في هذه السورة دليلا على أن دعوة الأنبياء مستجابة لأن الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام دعا لأهل الحرام بقوله: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [ابراهيم: ٣٧].


الصفحة التالية
Icon