سورة المسد
قوله تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾
التب القطع.
ومن المادة بت بتقديم الباء فهي تدور على معنى القطع كما يفيده فقه اللغة في دوران المادة على معنى واحد.
وقال التب والتبب والتباب والتبيب والتتبيب النقص والخسار إلى أن قال وتبت يداه ضلتا وخسرتا.
وقال الفخر الرازي التبات الهلاك ونظيره قوله تعالى: ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ [غافر: ٣٧] أي في هلاك.
وذلك لأن أبا لهب أهلك نفسه بفساد اعتقاده وسوء فعاله كما جاء في السنة قول الأعرابي هلكت وأهلكت أي بوقاعه أهله في رمضان وجاء قوله تعالى: ﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ [هود: ١٠١]. فقالوا غير خسران والخسران يؤدي إلى الهلاك والقطع.
كما جاء في معناه في قصة صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾ [هود: ٦٣] فظهر من هذا كله أن معنى تبت يدا أبي لهب دائر بين معنى القطع والهلاك والخسران.
أما قطعها فلم يقدر عليه قطع يديه قبل موته.
وأما الهلاك والخسران فقد هلك بالغدة.
وأما الخسران فما أشد خسرانه بعد هذا الحكم عليه من الله تعالى.