تعالى لخلقه وهي الصفة التي يسلمون بها ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: ٢٥].
﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧].
ولأن كل مخلوق لا بد له من خالق ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [الطور: ٣٥] وقد أطلق صفة الخلق عن ذكر مخلوق ليعم ويشمل الوجود كله خالق كل شيء في قوله: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٠٢].
﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ [الزمر: ٦٢].
﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾ [الحشر: ٢٤].
وتلك المسائل الثلاث هي الأصول في الرسالة وما بعدها دلالة عليها فالأمر بالقراءة تكليف لتحمل الوحي و ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ بيان لجهة التكليف و ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ تدليل لتلك الجهة أي الرسالة والرسول والمرسل مع الدليل المجمل ولا شك أن المرسل إليهم لم يؤمنوا ولا بواحدة منها فكان لا بد من إقامة الأدلة على ثبوتها بالتفصيل.
ولما كانت جهة المرسل هي الأساس وهي المصدر كان التدليل عليها أولا فجاء التفصيل في شأنها بما يسلمون به ويسلمونه في أنفسهم وهي المسألة الرابعة.
والخامسة ﴿خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ وهذا تفصيل بعد إجمال ببيان للبعض من الكل فالإنسان بعض مما خلق وذكره من ذكر العام بعد الخاص أولا ومن إلزامهم بما يسلمون به ثم لانتقالهم مما يعلمون ويقرون به إلى مالا يعلمون وينكرون.
وفي ذكر الإنسان بعد عموم الخلق تكريم له كذكر الروح بعد عموم الملائكة ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ ونحوه والإنسان هنا الجنس بدليل الجمع في ﴿عَلَقٍ﴾ جمع علقة ولأنه أوضح دلالة عنده ليستدل بنفسه من نفسه كما سيأتي.
وقوله: ﴿مِنْ عَلَقٍ﴾ وهو جمع علقة وهي القطعة من الدم كالعرق أو الخيط بيان على قدرته تعالى وذلك لأنهم يشاهدون ذلك أحيانا فيما تلقى به الرحم ويعلمون أنه مبدأ خلقة الإنسان.