ونص صريح في تنزيه الله سبحانه وتسبيحه عما قالوا.
ثم جاء حرف الإضراب عن قولهم: ﴿بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ [البقرة: ١١٦] ففيه بيان المانع عقلا من اتخاذ الولد بما يلزم الخصم وذلك أن غاية اتخاذ الولد أن يكون بارا بوالده وأن ينتفع الوالد بولده كما في قوله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: ٤٦] أو يكون الولد وارثا لأبيه كما في قوله تعالىعن نبي الله تعالى زكريا عليه السلام: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ [مريم: ٥-٦].
والله سبحانه وتعالى حي باق يرث ولا يورث كما قال تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٢٦-٢٧].
وقوله: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الحديد: ١٠].
فإذا كان لله سبحانه وتعالى كل ما في السماوات والأرض في قنوت وامتثال طوعا أو كرها كما قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً﴾ [مريم: ٩٢-٩٣].
فهو سبحانه وتعالى ليس في حاجة إلى الولد لغناه عنه.
ثم بين سبحانه قدرته على الإيجاد والإبداع في قوله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧].
وهذا واضح في نفي الولد عنه سبحانه وتعالى.
وقد تمدح سبحانه في قوله: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً﴾ [الاسراء: ١١١].
أما أنه لم يولد فلم يدع أحد عليه ذلك لأنه ممتنع عقلا بدليل الممانعة المعروف وهو كالآتي:
لو توقف وجوده سبحانه على أن يولد لكان في وجوده محتاجا إلى من يوجده ثم يكون من يلده في حاجة إلى والد وهكذا يأتي الدور والتسلسل وهذا باطل.


الصفحة التالية
Icon