أما ما جاء في فضلها فقد قال أبو حيان في تفسيره لقد أكثر المفسرون إيراد الآثار في ذلك وليس هذا محلها وهو كما قال فقد أوردها ابن كثير والفخر الرازي والقرطبي وابن حجر في الإصابة في ترجمة معاذ بن جبل وغيرهم وليس هذا محل إيرادها اللهم إلا ما جاء في الصحيح أن تلاوتها تعدل ثلث القرآن لتعلق موضوعها بالتوحيد.
أما المبحث الآخر وهو سبب نزولها فقيل فيه إن المشركين طلبوا منه ﷺ أن ينسب لهم ربه فنزلت.
وقوله فيها ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ رد على إثبات النسب له سبحانه وتعالى.
وقد جاء مثل هذا المعنى حينما سأل فرعون موسى عن ربه فقال له: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣].
فجاء جوابه ﴿قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ [الشعراء: ٢٧].
وكنت سمعت من الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه أن موجب قول فرعون عن موسى لمجنون لأنه سأله بما في قوله: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣] وما يسأل بها عن شرح الماهية فكان مقتضى السؤال بها أن يبين ماهية الرب سبحانه وتعالى من أي شيء هو كما يقال في جواب ما الإنسان إنه حيوان ناطق.
ولكن موسى عليه السلام أعرض عن سؤال فرعون لجهله عن حقيقة الله تعالى أو لتجاهله كما في قوله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل: ١٤] وأجابه عما يخصه ويلزمه الاعتراف به من أنه سبحانه ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [مريم: من الآية٦٥] لا ربوبية فرعون الكاذبة.
ومثل ذلك في القرآن لما سألوا عن الأهلة ما بالها تبدو صغيرة ثم تكبر فهو سؤال عن حقيقة تغيرها فترك القرآن جوابهم على سؤالهم وأجابهم بما يلزمهم وينفعهم.
وكذلك جواب الخليل عليه السلام للنمروذ حينما حاجه في ربه ﴿إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: ٢٥٨].


الصفحة التالية
Icon