موجودة في سورة الفاتحة فاتفقت الخاتمة مع الفاتحة في هذا المعنى العظيم إذ في الفاتحة ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ و ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ فجاءت صفة الربوبية والملك والألوهية في لفظ الجلالة.
وتكون الخاتمة الشريفة من باب عود على بدء وأن القرآن كله فيما بين ذلك شرح وبيان لتقدير هذا المعنى الكبير.
وسيأتي لذلك زيادة إيضاح في النهاية إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾.
كلاهما صيغة مبالغة من الوسوسة والخنس بسكون النون.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان معنى الوسوسة والوسواس لغة وشرعا أي المراد عند كلامه على قوله تعالى: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ﴾ [طه: ١٢٠].
وبين مشتقاتهما وأصل اشتقاقهما وهو يدور على أن الوسوسة الحديث الخفي والخنس التأخر كما تكلم على ذلك في دفع إيهام الاضطراب حيث اجتمع المعنيان المتنافيان.
لأن الوسواس كثير الوسوسة ليضل بها الناس والخناس كثير التأخر والرجوع عن إضلال الناس.
وأجاب بأن لكل مقام مقالا وأنه يوسوس عند غفلة العبد عن ذكر ربه خانس عند ذكر العبد ربه تعالى كما دل عليه قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف: ٣٦] إلى آخره ا ه
قوله تعالى: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾.
اختلف في الظرف هنا هل هو ظرف للوسواس حينما يوسوس فيكون موجودا في الصدور ويوسوس للقلب أو هو ظرف للوسوسة ويكون المراد بالصدور القلوب لكونها حالة في الصدور من باب إطلاق المحل وإرادة الحال على ما هو جار في الأساليب البلاغية.


الصفحة التالية
Icon