فتشكى المؤتمرون من أن لهم زهاء أربعين سنة من عملهم المتواصل لم يستطيعوا أن ينصروا مسلما واحدا فقال رئيس المؤتمر إذا لم نستطع أن ننصر مسلما ولكن استطعنا أن نوجد ذبذبة في الرأي فقد نجحنا في عملنا.
وهكذا منهج العدو تشكيك في قضايا الإسلام ليوجد ذبذبة في عقيدة المسلمين فعن طريق الميراث تارة وعن طريق تعدد الزوجات أخرى وعن دوافع القتال وعن استرقاق الرقيق وعن وعن.
حتى وجد من أبناء المسلمين من يتخطى حدود الشك إلى التصديق وأخذ يدعو إلى ما يدعو إليه العدو وما ذاك كله إلا حصاد ونتائج الوسواس الخناس.
فلا غرو إذا أن تجمع الصفات الجليلة الثلاث ﴿رَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ﴾.
هذه وجهة النظر الأولى بين سورتي الفلق والناس.
أما الوجهة الثانية وهي بين سورة الناس ونسق المصحف الشريف بقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٢-٧].
وفي هذه البداية الكريمة بث الطمانينة في القلب المعبر عنها بالحمد عنوان الرضى والسعادة والإقرار لله بالربوبية ثم الإيمان بالبعث والإقرار لله بملك يوم الدين ثم الالتزام بالعبادة لله وحده والالتجاء إليه مستعينا به مستهديا الصراط المستقيم سائلا صحبة الذين أنعم عليهم.
ثم يأتي بعدها مباشرة في أول سورة البقرة ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] أي إن الهدى الذي تنشده إلى الصراط المستقيم فهو في هذا الكتاب لا ريب فيه ثم بين المتقين الذين أنعم الله عليهم بقوله: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: ٣-٤].
ومرة أخرى للتأكيد ﴿أُولَئِكَ﴾ لا سواهم ﴿عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon