النبي صلى الله عليه وسلم، طبق من تين، وساق النص المتقدم، ثم قال: وفي ثبوت هذا نظر.
وقد ذكر المفسرون وابن القيم وصاحب القاموس للتين خواص وقالوا إنها مما تجعله محلا للقسم به وجزم ابن القيم أنه المراد في السورة.
ومما ذكروا من خواصه قالوا إنه يجلو رمل الكلى والمثانة ويؤمن من السموم وينفع خشونة الحلق والصدر وقصبة الرئة ويغسل الكبد والطحال وينقي الخلط البلغمي من المعدة ويغذي البدن غذاء جيدا ويابسه يغذي وينفع العصب.
وقال جالينوس وإذا أكل مع الجوز والسذاب قبل أخذ السم القاتل نفع وحفظ من الضر وينفع السعال المزمن ويدر البول ويسكن العطش الكائن عن البلغم المالح ولأكله على الريق منفعة عجيبة.
وقال ابن القيم لما لم يكن بأرض الحجاز والمدينة لم يأت له ذكر في السنة ولكن قد أقسم الله به في كتابه لكثرة منافعه وفوائده.
والصحيح أن المقسم به هو التين المعروف ا ه.
وكما قال ابن القيم رحمة الله لم يذكر في السنة لعدم وجوده بالحجاز والمدينة فكذلك لم يأت ذكره في القرآن قط إلا في هذا الموضع ولم يكن من منابت الحجاز والمدينة لمنافاة جوه لجوها وهو وإن وجد أخيرا إلا أنه لا يجود فيها جودته في غيرها.
فترجح أن المراد بالتين هو هذا الماكول كما جاء عمن سمينا ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن.
أما الزيتون فقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في المقدمة أن من أنواع البيان إذا اختلف في المعنى المراد وكان مجيء أحد المعنيين أو المعاني المحتملة أكثر في القرآن فإنه يكون أولى بحمل اللفظ عليه.
وقد جاء ذكر الزيتون في القرآن عدة مرات مقصودا به تلك الشجرة المباركة فذكر في ضمن الأشجار خاصة في قوله تعالى من سورة الأنعام: ﴿وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمانَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ٩٩]، وسماها بذاتها في قوله تعالى من سورة المؤمنين: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ