وقيل الكتب القيمة هي القرآن فجعله كتبا لأنه يشتمل على أبواب من البيان.
وذكر الفخر الرازي أنه يحتمل في ﴿كُتُبٌ﴾ أي الآيات المكتوبة في المصحف وهو قريب من قول الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه.
وقال الشوكاني المراد الآيات والأحكام المكتوبة فيها وهذه المعاني وإن كانت صحيحة إلا أن ظاهر اللفظ أدل على تضمن معنى ﴿كُتُبٌ﴾ منه على معنى كتابة أحكام.
والذي يظهر أن مدلول ﴿كُتُبٌ﴾ على ظاهرها وهو تضمن تلك الصحف المطهرة لكتب سابقة قيمة كما ينص عليه قوله تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٦-١٧] ثم قال: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ [الأعلى: ١٨-١٩] وكقوله في عموم الكتب الأولى: ﴿قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [الاحقاف: ٣٠] وقوله: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ﴾ [آل عمران: ٣-٤].
ولذا قال ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: ١١٤] أي بما فيه من كتبهم القيمة المتقدم إنزالها كما في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [النور: ٣٤].
وقوله: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [النمل: ٧٦].
وقال: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [الأنعام: ٩٢] ونحو ذلك من الآيات مما يدل على أن آي القرآن متضمنة كتبا قيمة مما أنزلت من قبل وقد جاء عمليا في آية الرحمن وقوله: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا﴾ [المائدة: ٤٥] أي في التوراة ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] فهذه من الكتب القيمة التي تضمنها القرآن الكريم كما قال: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩].
ولعل هذا بين وجه المعنى فيما رواه المفسرون عن الإمام أحمد أن الرسول ﷺ قال لأبي بن كعب أمرت أن أقرأ عليك سورة البينة فقال أو ذكرت ثم.


الصفحة التالية
Icon