فما في كتبهم قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ [النحل: ٣٦].
وقوله: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا﴾ [الشورى: ١٣].
فإقامة الدين وعدم التفرقة فيه هو عين عبادة الله مخلصين له الدين.
ومما في القرآن قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٠-٤٣].
فقد نص على كامل المسألة هنا أن الكتب القيمة المنصوص عليها في الصحف المطهرة هي كتب أهل الكتاب لقوله تعالى: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ﴾ [البقرة: ٤١] وأنهم أمروا في هذا القرآن بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع التعليمات المذكورة نفسها وإقام الصلاة لا يكون إلا عبادة الله بإخلاص.
وهذه الأوامر سواء كانت في كتبهم أو في القرآن لا تقتضي التفرق بل تستوجب الاجتماع والوحدة.
قوله تعالى: ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾.
﴿الْقَيِّمَةِ﴾ فيعلة من القوامة وهي غاية الاستقامة.
وقد جاء بعد قوله: ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ أي مستقيمة بتعاليمها.
وقد نص تعالى على أن القرآن أقومها وأعدلها كما في قوله: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الاسراء: ٩] وقال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّماً﴾ [الكهف: ١-٢] فنفى عنه العوج وأثبت له الاستقامة.
وهذا غاية في القوامة كما قدمنا من قبل من أن المستقيم قد يكون فيه انحناء كالطريق المعبد المستقيم عن المرتفعات والمنخفضات لكنه ينحرف تارة يمينا وشمالا


الصفحة التالية
Icon