الثانية والثالثة قوله: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ فأجمل ما في الجنات ونص على أنها تجري من تحتها الأنهار مع إجمال تلك الأنهار وقد فصلت آية ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ﴾ [النبأ: ١] ما أعد لهم في الجنة من حدائق وأعناب وكواعب وشراب وطمانينة وعدم سماع اللغو إلى آخره كما جاء تفصيل الأنهار في سورة القتال في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [محمد: ١٥] والخلود في هذا النعيم هو تمام النعيم.
قوله تعالى: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾.
يعتبر هذا الإخبار من حيث رضوان الله تعالى على العباد في الجنة من باب العام بعد الخاص.
وقد تقدم في سورة الليل في قوله تعالى: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴾ إلى قوله: ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ [الليل: ١٧-٢١] واتفقوا على أنها في الصديق رضي الله عنه كما تقدم وجاء في التي بعدها سورة والضحى قوله تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: ٥] أي للرسول صلى الله عليه وسلم.
وهنا في عموم ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ فهي عامة في جميع المؤمنين الذين هذه صفاتهم ثم قال: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ وقد جاء ما يبين سبب رضوان الله تعالى عليهم وهو بسبب أعمالهم كما في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨] فكانت المبايعة سببا للرضوان.
وفي هذة الآية الإخبار بأن الله رضي عنهم ورضوا عنه ولم يبين زمن هذا الرضوان أهو سابق في الدنيا أم حاصل في الجنة وقد جاءت آية تبين أنه سابق في الدنيا وهي قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١٠٠] فقوله تعالى: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ ثم يأتي بعدها ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ﴾.


الصفحة التالية
Icon