أم بالجمع جمع الجيش في القتال على ما تقدم وهو قول ابن عباس وغيره حكاه ابن جرير وغيره.
وقد وجدنا قرائن عديدة في الآية تمنع من إرادة المزدلفة بمعنى جمع وهي كالآتي أولا وصف الخيل أو الإبل على حد سواء بالعاديات حتى حد الضبح وورى النار بالحوافر وبالحصا لأنها أوصاف تدل على الجري السريع.
ومعلوم أن الإفاضة من عرفات ثم من المزدلفة لا تحتمل هذا العدو وليس هو فيها بمحمود لأنه ﷺ كان ينادي "السكينة السكينة" فلو وجد لما كان موضع تعظيم وتفخيم.
ثانيا أن المشهور أن إثارة النقع من لوازم الحرب كما قاله بشار:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا | وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه |
ثالثا قوله تعالى: ﴿فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً﴾ جاء مرتبا بالفاء وهي تدل على الترتيب والتعقيب.
وقد تقدم ﴿الْمُغِيرَاتِ صُبْحاً﴾ وبعدها ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً﴾.
وجمع هي المزدلفة وإنما يؤتى إليها ليلا فكيف يقرن صبحا ويتوس طن المزدلفة ليلا.
وعلى ما حكاه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه أنهم يغيرون صبحا من المزدلفة إلى منى تكون تلك الإغارة صبحا بعد التوسط بجمع والسياق يؤخرها عن الإغارة ولم يقدمها عليها.
فتبين بذلك أن إرادة المزدلفة غير متأتية في هذا السياق.
ويبقى القول الآخر وهو الأصح والله تعالى أعلم.
ولو رجعنا إلى نظرية ترابط السور لكان فيها ترجيحا لهذا المعنى وهو أنه في السورة السابقة ذكرت الزلزلة وصدور الناس أشتاتا ليروا أعمالهم.