وقد نص تعالى على هذا المعنى في قوله: ﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ [الانفطار: ٤] أي بعثر من فيها.
وقوله: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً﴾ [المعارج: ٤٣].
وقوله: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾ [القمر: ٧].
وقوله: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤].
قوله تعالى: ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾
قيل: حصل أي أبرز قاله ابن عباس.
وقيل: ميز الخير من الشر.
والحاصل من كل شيء ما بقي.
قال لبيد:

وكل امريء يوما سيعلم سعيه إذا حصلت عند الإله الحصائل
والمراد بما ﴿فِي الصُّدُورِ﴾ الأعمال وهذا كقوله: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾.
ونص على الصدور هنا مع أن المراد القلوب لأنها هي مناط العمل ومعقد النية.
والعقيدة وصحة الأعمال كلها مدارها على النية كما في حديث "إنما الأعمال بالنيات" وحديث "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله" الحديث.
وقال الفخر الرازي خصص القلب بالذكر لأنه محل لأصول الأعمال.
ولذا ذكره في معرض الذم فإنه ﴿آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ وفي معرض المدح ﴿وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
ويشهد لما قاله قوله: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: ٨٩].
وقوله: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٧٤].


الصفحة التالية
Icon