رسول الله ﷺ نهى عن زيارة القبور ثم قال: "فزوروها" أمر إباحة للاتعاظ بها، لا لمعنى المباهاة والتفاخر.
ثم قال: قال ابن عطية: كما يصنع الناس في ملازمتها وتسنيمها بالحجارة والرخام وتلوينها شرفا وبيان النواويس عليها أي الفوانيس وهي السرج.
ثم قال أبو حيان وابن عطية لم ير إلا قبور أهل الأندلس فكيف لو رأى ما يتباهي به أهل مصر في مدافنهم بالقرافة الكبرى والقرافة الصغرى وباب النصر وغير ذلك وما يضيع فيها من الأموال لتعجب من ذلك ولرأى ما لم يخطر ببال.
وأما التباهي بالزيارة ففي هؤلاء المنتمين إلى الصوفية أقوام ليس لهم شغل إلا زيارة القبور زرت قبر سيدي فلان بكذا وقبر فلان بكذا والشيخ فلان بكذا والشيخ فلان بكذا فيذكرون أقاليم طافوها على قدم التجريد.
وقد حفظوا حكايات عن أصحاب تلك القبور وأولئك المشايخ بحيث لو كتبت لجاءت أسفارا وهم مع ذلك لا يعرفون فروض الوضوء ولا سننه.
وقد سخر لهم الملوك وعوام الناس في تحسين الظن بهم وبذل المال لهم وأما من شذ منهم لأنه يتكلم للعامة فيأتي بعجائب يقولون هذا فتح من العلم اللدني على الخضر.
حتى إن من ينتمي إلى العلم لما رأى رواج هذه الطائفة سلك مسلكهم ونقل كثيرا من حكاياتهم ومزج ذلك بيسير من العلم طلبا للمال والجاه وتقبيل اليد.
ونحن نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لطاعته ا ه بحروفه.
وهذا الذي قاله رحمه الله من أعظم ما افتتن به المسلمون في دينهم ودنياهم معا.
أما في دينهم فهو الغلو الذي نهى عنه ﷺ صيانة للتوحيد من سؤال غير الله.
وأما في الدنيا فإن الكثير من هؤلاء يتركون مصالح دنياهم من زراعة أو تجارة أو صناعة ويطوف بتلك الأماكن تاركا ومضيعا من يكون السعي عليه أفضل من نوافل العبادات.
مما يلزم على طلبة العلم في كل مكان وزمان أن يرشدوا الجهلة منهم وأن يبينوا