وسورة الهمزة في نفس المعنى تقريبا في ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ [الهمزة: ٢-٣].
فجمع المال وتعداده في حياة الإنسان وحياته محدودة وليس مخلدا في الدنيا كما أن الإيمان وعمل الصالحات مرتبط بحياة الإنسان.
وعليه فإما أن يكون المراد بالعصر في هذه السورة العموم لشموله الجميع وللقراءة الشاذة وهذا أقواها.
وإما حياة الإنسان لأنه ألزم له في عمله وتكون كل الإطلاقات الأخرى من إطلاق الكل وإرادة البعض والله تعالى أعلم.
وقوله: ﴿إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾.
لفظ الإنسان وإن كان مفردا فإن أل فيه جعلته للجنس.
وقد بينه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب وتقدم التنبيه عليه مرارا فهو شامل للمسلم والكافر إلا من استثنى الله تعالى.
وقيل خاص بالكافر والأول أرجح للعموم.
و ﴿إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ جواب القسم والخسر قيل: هو الغبن وقيل النقص وقيل: العقوبة وقيل: الهلكة والكل متقارب.
وأصل الخسر والخسران كالكفر والكفران النقص من رأس المال ولم يبين هنا نوع الخسران في أي شيء بل أطلق ليعم وجاء بحرف الظرفية ليشعر أن الإنسان مستغرق في الخسران وهو محيط به من كل جهة.
ولو نظرنا إلى أمرين وهما المستثنى والسورة التي قبلها لاتضح هذا العموم لأن مفهوم المستثنى يشمل أربعة أمور عدم الإيمان وهو الكفر وعدم العمل الصالح وهو العمل الفاسد وعدم التواصي بالحق وهو انعدام التواصي كلية أو التواصي بالباطل وعدم التواصي بالصبر وهو إما انعدام التواصي كلية أو الهلع والجزع.
والسورة التي قبلها تلهي الإنسان بالتكاثر في المال والولد بغية الغنى والتكثر فيه وضده ضياع المال والولد وهو الخسران.