الألباب وتذهب في حقائق صفاته والفكر في معرفته. فعلى هذا أصل "إلاه" "ولاه" وأن الهمزة مبدلة من واو كما أبدلت في إشاح ووشاح، وإسادة ووسادة؛ وروي عن الخليل. وروي عن الضحاك أنه قال: إنما سمي "الله" إلها، لأن الخلق يتألهون إليه في حوائجهم، ويتضرعون إليه عند شدائدهم. وذكر عن الخليل بن أحمد أنه قال: لأن الخلق يألهون إليه "بنصب اللام" ويألهون أيضا "بكسرها" وهما لغتان. وقيل: إنه مشتق من الارتفاع؛ فكانت العرب تقول لكل شيء مرتفع: لاهاً، فكانوا يقولون إذا طلعت الشمس: لاهت. وقيل: هو مشتق من أله الرجل إذا تعبد. وتأله إذا تنسك؛ ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ [الأعراف: ١٢٧] على هذه القراءة؛ فإن ابن عباس وغيره قالوا: وعبادتك.
قالوا: فاسم الله مشتق من هذا، فالله سبحانه معناه المقصود بالعبادة، ومنه قول الموحدين: إلا إله إلا الله، معناه لا معبود غير الله. و"إلا" في الكلمة بمعنى غير، لا بمعنى الاستثناء. وزعم بعضهم أن الأصل فيه "الهاء" التي هي الكناية عن الغائب، وذلك أنهم أثبتوه موجوداً في فطر عقولهم فأشاروا إليه بحرف الكناية عن الغائب، وذلك أنهم أثبتوه موجوداً في فطر عقولهم فأشاروا إليه بحرف الكناية ثم زيدت فيه لام الملك إذ قد علموا أنه خالق الأشياء ومالكها فصار "له" ثم زيدت فيه الألف واللام تعظيماً وتفخيماً.
القول الثاني: ذهب إليه جماعة من العلماء أيضاً منهم الشافعي وأبو المعالي والخطابي والغزالي والمفضل وغيرهم، وروي عن الخليل وسيبويه: أن الألف واللام لازمة له لا يجوز حذفهما منه. قال الخطابي: والدليل على أن الألف واللام من بنية هذا الاسم، ولم يدخلا للتعريف: دخول حرف النداء عليه؛ كقولك: يا الله، وحروف النداء لا تجتمع مع الألف واللام للتعريف؛ ألا ترى أنك لا تقول: يا الرحمن ولا يا الرحيم، كما تقول: يا الله، فدل على أنهما من بنية الاسم. والله أعلم.
الثانية والعشرون- واختلفوا أيضاً في اشتقاق اسمه الرحمن، فقال بعضهم: لا اشتقاق له لأنه من الأسماء المختصة به سبحانه، ولأنه لو كان مشتقاً من الرحمة لا تصل بذكر المرحوم، فجاز أن يقال: الله رحمن بعباده، كما يقال: رحيم بعباده. وأيضاً لو كان مشتقاً من الرحمة