وقال الشافعي فيما حكى عنه البويطي وأحمد بن حنبل: لا تجزئ أحدا صلاة حتى يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة، إماما كان أو مأموما، جهر إمامه أو أسر. وكان الشافعي بالعراق يقول في المأموم: يقرأ إذا أسر ولا يقرأ إذا جهر كمشهور مذهب مالك. وقال بمصر: فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة قولان: أحدهما أن يقرأ والآخر يجزئه ألا يقرأ ويكتفي بقراءة الإمام. حكاه ابن المنذر. وقال ابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وابن حبيب والكوفيون: لا يقرأ المأموم شيئا جهر إمامه أو أسر لقوله عليه السلام: "فقراءة الإمام له قراءة" وهذا عام ولقول جابر: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام.
التاسعة- الصحيح من هذه الأقوال قول الشافعي وأحمد ومالك في القول الآخر وأن الفاتحة متعينة في كل ركعة لكل أحد على العموم لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" وقوله: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القران فهي خداج" ثلاثا. وقال أبو هريرة: أمرني رسول الله ﷺ أن أنادي أنه: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد" أخرجه أبو داود. كما لا ينوب سجود ركعة ولا ركوعها عن ركعة أخرى فكذلك لا تنوب قراءة ركعة عن غيرها، وبه قال عبد الله بن عون وأيوب السختياني وأبو ثور وغيره من أصحاب الشافعي وداود بن علي، وروي مثله عن الأوزاعي وبه قال مكحول.
وروي عن عمر بن الخطاب وعبدالله بن عباس وأبي هريرة وأبي بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وعبدالله بن عمرو بن العاص وعبادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري وعثمان بن أبي العاص وخوّات بن جُبير أنهم قالوا: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب. وهو قول ابن عمر والمشهور من مذهب الأوزاعي، فهؤلاء الصحابة بهم القدوة وفيهم الأسوة كلهم يوجبون الفاتحة في كل ركعة.
وقد أخرج الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني في سننه ما يرفع الخلاف ويزيل كل احتمال فقال: حدثنا أبو ريب حدثنا محمد بن فضيل وحدثنا سويد بن سعيد


الصفحة التالية
Icon