والدين: سيرة الملك. قال زهير:
لئن حللت بجو في بني أسد | في دين عمرو وحالت بيننا فدَك |
يا دين قلبك من سلمى وقد دينا
الثالثة والعشرون- قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ رجع من الغيبة إلى الخطاب على التلوين، لأن من أول السورة إلى ههنا خبرا عن الله تعالى وثناء عليه كقوله ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً﴾ [الإنسان: ٢١]. ثم قال: ﴿إن هذا كان لكم جزاء﴾. وعكسه: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢] على ما يأتي. و ﴿نَعْبُدُ﴾ معناه نطيع والعبادة الطاعة والتذلل. وطريق معبد إذا كان مذللا للسالكين قال الهروي. ونطق المكلف به إقرار بالربوبية وتحقيق لعبادة الله تعالى، إذ سائر الناس يعبدون سواه من أصنام وغير ذلك. ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ أي نطلب العون والتأييد والتوفيق.
قال السلمي في حقائقه: سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت أبا حفص الفرغاني يقول: من أقرَّ بـ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فقد برئ من الجبر والقدر.
الرابعة والعشرون- إن قيل: لم قدم المفعول على الفعل؟ قيل له: قدم اهتماما، وشأن العرب تقديم الأهم. يذكر أن أعرابيا سبَّ آخر فأعرض المسبوب عنه، فقال له الساب: إياك أعني: فقال له الآخر: وعنك أعرض، فقدما الأهم. وأيضا لئلا يتقدم ذكر العبد والعبادة على المعبود فلا يجوز نعبدك ونستعينك ولا نعبد إياك ونستعين إياك، فيقدم الفعل على كناية المفعول وإنما يتبع لفظ القرآن. وقال العجاج:
إياك أدعو فتقبل مَلَقي...
واغفر خطاياي وكثّر ورقي