استعانة والأصل استعوان، قلبت حركة الواو إلى العين فانقلبت ألفا ولا يلتقي ساكنان فحذفت الألف الثانية لأنها زائدة، وقيل الأولى لأن الثانية للمعنى ولزمت الهاء عوضا.
السابعة والعشرون- قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ اهدنا دعاء ورغبة من المربوب إلى الرب، والمعنى: دلنا على الصراط المستقيم وأرشدنا إليه وأرنا طريق هدايتك الموصلة إلى أنسك وقربك. قال بعض العلماء: فجعل الله جل وعز عظم الدعاء وجملته موضوعا في هذه السورة، نصفها فيه مجمع الثناء ونصفها فيه مجمع الحاجات، وجعل هذا الدعاء الذي في هذه السورة أفضل من الذي يدعو به [الداعي] لأن هذا الكلام قد تكلم به رب العالمين فأنت تدعو بدعاء هو كلامه الذي تكلم به، وفي الحديث: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء". وقيل المعنى: أرشدنا باستعمال السنن في أداء فرائضك وقيل: الأصل فيه الإمالة ومنه قوله تعالى: ﴿إنا هُدنا إليك﴾ [الأعراف: ١٥٦] أي ملنا، وخرج عليه السلام في مرضه يتهادى بين اثنين، أي يتمايل. ومنه الهدية لأنها تمال من مِلك إلى مِلك. ومنه الهدي للحيوان الذي يساق إلى الحرم، فالمعنى مل بقلوبنا إلى الحق. وقال الفضيل بن عياض: "الصراط المستقيم" طريق الحج، وهذا خاص والعموم أولى. قال محمد بن الحنفية في قوله عز وجل ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ : هو دين الله الذي لا يقبل من العبادة غيره. وقال عاصم الأحول عن أبي العالية: "الصراط المستقيم" رسول الله ﷺ وصاحباه من بعده. قال عاصم فقلت للحسن: إن أبا العالية يقول: "الصراط المستقيم" رسول الله ﷺ وصاحباه قال: صدق ونصح.
الثامنة والعشرون- أصل الصراط في كلام العرب الطريق، قال عامر بن الطفيل:

شحنَّا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط
وقال جرير:
أمير المؤمنين على صراط إذا أعوج الموارد مستقيم
وقال آخر:
فصدّ عن نهج الصراط الواضح


الصفحة التالية
Icon