أجرك فلا خلاق لك اليوم فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع". وروى علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم الكبير وتتخذ سنة مبتدعة يجري عليها الناس فإذا غير منها شيء قيل قد غيرت السنة قيل متى ذلك يا أبا عبد الرحمن قال إذا كثر قراؤكم وقل فقهاؤكم وكثر أمراؤكم وقل أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة وتفقه لغير الدين وقال سفيان بن عيينة بلغنا عن ابن عباس أنه قال: ((لو أن حملة القرآن أخذوه بحقه وما ينبغي لأحبهم الله ولكن طلبوا به الدنيا فأبغضهم الله وهانوا على الناس)) وروي عن أبي جعفر محمد بن علي في قول الله تعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ﴾ قال: قوم وصفوا الحق والعدل بألسنتهم وخالفوه إلى غيره وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في أثناء الكتاب إن شاء الله تعالى.

باب ما ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به ولا يغفل عنه


فأول ذلك أن يخلص في طلبه لله عز وجل كما ذكرنا وأن يأخذ نفسه بقراءة القرآن في ليله ونهاره في الصلاة أو في غير الصلاة لئلا ينساه روى مسلم عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإذا لم يقم به نسيه". وينبغي له أن يكون لله حامدا ولنعمه شاكرا وله ذاكرا وعليه متوكلا وبه مستعينا وإليه راغبا وبه معتصما وللموت ذاكرا وله مستعدا وينبغي له أن يكون خائفا من ذنبه راجيا عفو ربه ويكون الخوف في صحته أغلب عليه إذ لا يعلم بما يختم له ويكون الرجاء عند حضور أجله أقوى في نفسه لحسن الظن بالله قال رسول الله صلى عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن". أي أنه يرحمه ويغفر له. وينبغي له أن يكون عالما بأهل زمانه متحفظا من سلطانه ساعيا في خلاص نفسه ونجاة مهجته مقدما بين يديه ما يقدر عليه من عرض دنياه مجاهدا لنفسه في ذلك ما استطاع وينبغي له أن يكون أهم أموره عنده الورع في دينه واستعمال تقوى الله ومراقبته فيما أمره به ونهاه عنه.


الصفحة التالية
Icon