النفخات في الصور وكرتبة خلق السموات والأرض. روى الترمذي عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: " اتقوا الحديث علي إلا ما علمتم فمن كذب علي متعمدا فليبوأ مقعده من النار ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار". وروي أيضا عن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " قال هذا حديث غريب وأخرجه أبو داود وتكلم في أحد رواته. وزاد رزين ومن قال برأيه فأخطأ فقد كفر. قال أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن محمد الأنباري النحوي اللغوي في كتاب الرد فسر حديث ابن عباس تفسيرين: أحدهما- من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله. والجواب الآخر- وهو أثبت القولين وأصحهما معنى - : من قال في القرآن قولا يعلم أن الحق غيره فليتبوأ مقعده من النار. ومعنى يتبوأ ينزل ويحل؛ قال الشاعر :

وبوئت في صميم معشرها فتم في قومها مبوؤها
وقال في حديث جندب: فحمل بعض أهل العلم هذا الحديث على أن الرأي معنى به الهوى من قال في القرآن قولا يوافق هواه لم يأخذه عن أئمة السلف فأصاب فقد أخطأ لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله ولا يقف على مذاهب أهل الأثر والنقل فيه. وقال ابن عطية: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله عز وجل فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء واقتضته قوانين العلم كالنحو والأصول؛ وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحويون نحوه والفقهاء معانيه، ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر؛ فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه.


الصفحة التالية
Icon