أحد بمعروف ولا نهى عن منكر. قال مالك: وصدق، من ذا الذي ليس فيه شيء.
الخامسة قوله تعالى: ﴿الْبِرَّ﴾ البر هنا الطاعة والعمل الصالح. والبر: الصدق. والبر: ولد الثعلب. والبر: سوق الغنم، ومنه قولهم: "لا يعرف هرا من بر" أي لا يعرف دعاء الغنم من سوقها. فهو مشترك، وقال الشاعر:
| لا هم رب إن بكرا دونكا | يبرك الناس ويفجرونكا |
أراد بقوله "يبرك الناس": أي يطيعونك. ويقال: إن البر الفؤاد في قوله:
| أكون مكان البر منه ودونه | واجعل ما لي دونه وأوامره |
والبر "بضم الباء" معروف، و"بفتحها" الإجلال والتعظيم، ومنه ولد بر وبار، أي يعظم والديه ويكرمهما.
قوله تعالى:
﴿وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ أي تتركون. والنسيان "بكسر النون" يكون بمعنى الترك، وهو المراد هنا، وفي قوله تعالى:
﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]، وقوله:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [الأنعام: ٤٤]، وقوله:
﴿وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]. ويكون خلاف الذكر والحفظ، ومنه الحديث: "نسي آدم فنسيت ذريته". وسيأتي. يقال: رجل نسيان "بفتح النون": كثير النسيان للشيء. وقد نسيت الشيء نسيانا، ولا تقل نَسَيانا "بالتحريك"، لأن النسَيان إنما هو تثنية نسا العرق. وأنفس: جمع نفس، جمع قلة. والنفس: الروح، يقال: خرجت نفسه، قال أبو خراش:
| نجا سالم والنفس منه بشدقه | ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا |
أي بجفن سيف ومئزر. ومن الدليل على أن النفس الروح قوله تعالى:
﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ [الزمر: ٤٢] يريد الأرواح في قول جماعة من أهل التأويل على ما يأتي، وذلك