وقال الترمذي في حديثه عنه: فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة بن ثابت ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾. قال حديث حسن صحيح.
وفي البخاري عن زيد بن ثابت قال: لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آية من سورة (الأحزاب) كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة الأنصاري -الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته بشهادة رجلين- ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾. وقال الترمذي عنه: فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرؤها ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ فالتمستها فوجدتها عند خزيمة بن ثابت أو أبي خزيمة فألحقتها في سورتها.
قلت: فسقطت الآية الأولى من آخر (براءة) في الجمع الأول على ما قاله البخاري والترمذي؛ وفي الجمع الثاني فقدت آية من سورة الأحزاب وحكى الطبري: أن آية براءة سقطت في الجمع الأخير والأول أصح والله أعلم. فإن قيل: فما وجه جمع عثمان الناس على مصحفه وقد سبقه أبو بكر إلى ذلك وفرغ منه قيل له: إن عثمان رضي الله عنه لم يقصد بما صنع جمع الناس على تأليف المصحف ألا ترى كيف أرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك على ما يأتي وإنما فعل ذلك عثمان لأن الناس اختلفوا في القراءات بسبب تفرق الصحابة في البلدان واشتد الأمر في ذلك وعظم اختلافهم وتشبثهم ووقع بين أهل الشام والعراق ماذكره حذيفة رضي الله عنه. وذلك أنهم اجتمعوا في غزوة أرمينية كل طائفة بما روي لها فاختلفوا وتنازعوا وأظهر بعضهم إكفار بعض والبراءة منه وتلاعنوا فأشفق حذيفة مما رأى منهم فلما قدم حذيفة المدينة -فيما ذكر البخاري والترمذي- دخل إلى عثمان قبل أن يدخل إلى بيته فقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك قال: فيما إذا؟ قال: في كتاب الله إني حضرة