قلت: قوله عليه السلام: " خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد ". يدل على صحته ومما يبين لك ذلك أن أصحاب القراءات من أهل الحجاز والشام والعراق كل منهم عزا قراءته التي اختارها إلى رجل من الصحابة قرأها على رسول الله صلى عليه وسلم لم يستثن من جملة القرآن شيئا فأسند عاصم قراءته إلى علي وابن مسعود وأسند ابن كثير قراءته إلى أبي وكذلك أبو عمرو بن العلاء أسند قراءته إلى أبي وأما عبد الله بن عامر فإنه أسند قراءته إلى عثمان وهؤلاء كلهم يقولون قرأنا على رسول الله ﷺ وأسانيد هذه القراءات متصلة ورجالها ثقات قاله الخطابي.
باب ما جاء في ترتيب سور القرآن وآياته وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره وعدد حروفه وأجزائه وكلماته وآيه
قال ابن الطيب: إن قال قائل قد اختلف السلف في ترتيب سور القرآن فمنهم من كتب في مصحفه السور على تاريخ نزولها وقدم المكي على المدني ومنهم من جعل في أول مصحفه الحمد ومنهم من جعل في أوله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾. وهذا أول مصحف علي رضي الله عنه وأما مصحف ابن مسعود فإن أوله: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾. ثم البقرة ثم النساء على ترتيب مختلف ومصحف أبي كان أوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ ثم النساء ثم آل عمران ثم الأنعام ثم الأعراف ثم المائدة ثم كذلك على اختلاف شديد قال القاضي أبو بكر بن الطيب: فالجواب أنه يحتمل أن يكون ترتيب السور على ما هي عليه اليوم في المصحف كان على وجه الاجتهاد من الصحابة وذكر ذلك مكي رحمه الله في تفسير سورة (براءة) وذكر أن ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي ﷺ ولما لم يأمر بذلك في أول سورة براءة تركت بلا بسملة هذا أصح ما قيل في ذلك وسيأتي. وذكر ابن وهب في جامعه قال سمعت سليمان بن بلال يقول. سمعت ربيعة يسأل لم قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة وإنما نزلتا بالمدينة؟ فقال