حروف الهجاء في الفواتح على حرف واحد نحو ص و ق و ن حرفا أو كلمة؟ قلت: كلمة لا حرفا وذلك من جهة أن الحرف لا يسكت عليه ولا ينفرد وحده في الصورة ولا ينفصل مما يختلط به وهذه الحروف مسكوت عليها منفردة منفصلة كانفراد الكلم وانفصالها فلذلك سميت كلمات لا حروفا قال أبو عمرو: وقد يكون الحرف في غير هذا المذهب والوجه. قال الله عز وجل: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ أي على وجه ومذهب ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنزل القرآن على سبعة أحرف" أي سبعة أوجه من اللغات والله أعلم.

باب هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب أولا


لا خلاف بين الأئمة أنه ليس في القرآن كلام مركب على أساليب غير العرب وأن فيه أسماء أعلاما لمن لسانه غير لسان العرب كإسرائيل وجبريل وعمران ونوح ولوط واختلفوا هل وقع فيه غير أعلام مفردة من غير كلام العرب فذهب القاضي أبو بكر بن الطيب والطبري وغيرهما إلى أن ذلك لا يوجد فيه وأن القرآن عربي صريح وما وجد فيه من الألفاظ التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغات عليها فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة وغيرهم وذهب بعضهم إلى وجودها فيه وأن تلك الألفاظ لقلتها لا تخرج القرآن عن كونه عربيا مبينا ولا رسول الله عن كونه متكلما بلسان قومه فالمشكاة الكوة ونشأ قام من الليل ومنه ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ و ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ﴾ أي ضعفين. ﴿فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾ أي الأسد كله بلسان الحبشة والغساق البارد المنتن بلسان الترك والقسطاس الميزان بلغة الروم والسجيل الحجارة والطين بلسان الفرس والطور الجبل واليم البحر بالسريانية والتنور وجه الأرض بالعجمية قال ابن عطية: فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه وقد كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات وبرحلتي قريش وكسفر مسافر بن أبي عمرو إلى الشام،


الصفحة التالية
Icon