قال: إن رسول الله ﷺ قال: "إذا عثرت بك الدابة فلا تقل تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يصير مثل البيت ويقول بقوته صنعته ولكن قل بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يتصاغر حتى يصير مثل الذباب". وقال علي بن الحسين في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً﴾ [الإسراء: ٤٦] قال معناه: إذا قلت ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. وروى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جنة من كل واحد. فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار الذين قال الله فيهم: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ [المدثر: ٣٠] وهم يقولون في كل أفعالهم: " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فمن هنالك هي قوتهم، وببسم الله استضلعوا. قال ابن عطية: ونظير هذا قولهم في ليلة القدر: إنها سبع وعشرين، مراعاة للفظة "هي" من كلمات سورة ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ [القدر: ١]. ونظيره أيضا قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فإنها بضعة وثلاثون حرفا، فلذلك قال النبي الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول". قال ابن عطية: وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم.
الثالثة: - روى الشعبي والأعمش أن رسول الله ﷺ كان يكتب "باسمك اللهم" حتى أمر أن يكتب ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ فكتبها، فلما نزلت: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ [الإسراء: ١١٠] كتب ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ فلما نزلت: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] كتبها. وفي مصنف أبي داود قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابت بن عمارة: إن النبي الله ﷺ لم يكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حتى نزلت سورة "النمل".
الرابعة: - روي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال: البسملة تيجان السور.
قلت: وهذا يدل على أنها ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها. وقد اختلف العلماء في هذا المعنى على ثلاثة أقوال: