- كما روي عن الصحابة: كنا لا نعرف انقضاء السورة حتى تنزل -ayah text-primary">﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ أخرجه أبو داود - أو تبركا بها، كما قد اتفقت الأمة على كتبها في أوائل الكتب والرسائل؟ كل ذلك محتمل. وقد قال الجريري: سئل الحسن عن -ayah text-primary">﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قال: في صدور الرسائل. وقال الحسن أيضا: لم تنزل -ayah text-primary">﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ في شيء من القرآن إلا في "طس" -ayah text-primary">﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠]. والفيصل أن القرآن لا يثبن بالنظر والاستدلال، وإنما يثبت بالنقل المتواتر القطعي الاضطراري. ثم قد اضطرب قول الشافعي فيها في أول كل سورة فدل على أنها ليست بآية من كل سورة؛ والحمد لله.
فإن قيل: فقد روى جماعة قرآنيتها، وقد تولى الدارقطني جمع ذلك في جزء صححه. قلنا: لسنا ننكر الرواية بذلك وقد أشرنا إليها، ولنا أخبار ثابتة في مقابلتها، رواها الأئمة الثقات والفقهاء الأثبات. روت عائشة في صحيح مسلم قالت: كان رسول الله ﷺ يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، الحديث. وسيأتي بكماله. وروى مسلم أيضا عن أنس بن مالك قال: صليت خلف النبي ﷺ وأبي بكر وعمر، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين؛ لا يذكرون ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ لا في أول قراءة ولا في آخرها.
ثم إن مذهبنا يترجح في ذلك بوجه عظيم، وهو المعقول؛ وذلك أن مسجد النبي ﷺ بالمدينة انقضت عليه العصور، ومرت عليه الأزمنة والدهور، من لدن رسول الله ﷺ إلى زمان مالك، ولم يقرأ أحد فيه قط ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ اتباعا للسنة؛ وهذا يرد أحاديثكم.
بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل وعليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها أو على السعة في ذلك. قال مالك: ولا بأس أن يقرأ بها في النافلة ومن يعرض القرآن عرضاً.