بشفاعة آلهتنا. وقيل: يعرفون نعمة الله بتقلبهم فيها، وينكرونها بترك الشكر عليها. ويحتمل سادسا: يعرفونها في الشدة وينكرونها في الرخاء. ويحتمل سابعا: يعرفونها بأقوالهم وينكرونها بأفعالهم. ويحتمل ثامنا: يعرفونها بقلوبهم ويجحدونها بألسنتهم؛ نظيرها ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل: ١٤] ﴿وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ يعني جميعهم؛ حسبما تقدم.
٣ - الآية: ٨٤ ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً﴾ نظيره: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾ [النساء: ٤١] وقد تقدم. ﴿ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي في الاعتذار والكلام؛ كقوله: ﴿وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٦]. وذلك حين تطبق عليهم جهنم، كما تقدم في أول "الحجر" ويأتي.
قوله تعالى: ﴿وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ يعني يسترضون، أي لا يكلفون أن يرضوا ربهم؛ لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يتركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون. وأصل الكلمة من العتب وهي الموجدة؛ يقال: عتب عليه يعتب إذا وجد عليه، فإذا فاوضه ما عتب عليه فيه قيل عاتبه، فإذا رجع إلى مسرتك فقد أعتب، والاسم العتبى وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب؛ قال الهروي. وقال النابغة:
| فإن كنت مظلوما فعبدا ظلمته | وإن كنت ذا عتبى فمثلك يُعْتِب |
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أي أشركوا. ﴿الْعَذَابَ﴾ أي عذاب جهنم بالدخول فيها. ﴿فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ أي لا يمهلون؛ إذ لا توبة لهم ثم.