المعنى: مستقيم، أي مستقيم الحكمة لا خطأ فيه ولا فساد ولا تناقض. وقيل: "قيما" على الكتب السابقة يصدقها. وقيل: "قيما" بالحجج أبدا. "عوجا" مفعول به؛ والعوج "بكسر العين" في الدين والرأي والأمر والطريق. وبفتحها في الأجسام كالخشب والجدار؛ وقد تقدم. وليس في القرآن عوج، أي عيب، أي ليس متناقضا مختلقا؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾ [النساء: ٨٢] وقيل: أي لم يجعله مخلوقا؛ كما روي عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾ [الزمر: ٢٨] قال: غير مخلوق. وقال مقاتل: ﴿عِوَجَا﴾ اختلافا. قال الشاعر:

أدوم بودي للصديق تكرما ولا خير فيمن كان في الود أعوجا
﴿لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً﴾ أي لينذر محمد أو القرآن. وفيه إضمار، أي لينذر الكافرين عقاب الله. وهذا العذاب الشديد قد يكون في الدنيا وقد يكون في الآخرة. ﴿مِنْ لَدُنْهُ﴾ أي من عنده وقرأ أبو بكر عن عاصم ﴿مِنْ لَدُنْهُ﴾ بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون، والهاء موصولة بياء. والباقون ﴿لَدُنْهُ﴾ بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء. قال الجوهري: وفي "لدن" ثلاث لغات: لدن، ولدي، ولد. وقال:
من لد لحييه إلى منحوره
المنحور لغة المنحر.
قوله تعالى: ﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ﴾ أي بأن لهم ﴿أَجْراً حَسَناً﴾ وهي الجنة. ﴿مَاكِثِينَ﴾ دائمين. ﴿فِيهِ أَبَداً﴾ لا إلى غاية. وإن حملت التبشير على البيان لم يحتج إلى الباء في "بأن". والأجر الحسن: الثواب العظيم الذي يؤدي إلى الجنة.


الصفحة التالية
Icon