أنه قرئ "وكالبهم باسط ذراعيه بالوصيد". فيحتمل أن يريد بالكالب هذا الرجل على ما روي؛ إذ بسط الذراعين واللصوق بالأرض مع رفع الوجه للتطلع هي هيئة الريبة المستخفي بنفسه. ويحتمل أن يريد بالكالب الكلب. وقرأ جعفر بن محمد الصادق "كالبهم" يعني صاحب الكلب.
قوله تعالى: ﴿بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ﴾ أعمل اسم الفاعل وهو بمعنى المضي؛ لأنها حكاية حال ولم يفصد الإخبار عن فعل الكلب. والذرع من طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى. ثم قيل: بسط ذراعيه لطول المدة. وقيل: نام الكلب، وكان ذلك من الآيات. وقيل: نام مفتوح العين. الوصيد: القناء؛ قاله ابن عباس ومجاهد وابن جبير، أي فناء الكهف، والجمع وصائد ووصد. وقيل الباب. وقال ابن عباس أيضا. وأنشد:

بأرض فضاء لا يسد وصيدها علي ومعروفي بها غير منكر
وقد تقدم. وقال عطاء: عتبة الباب، والباب الموصد هو المغلق. وقد أوصدت الباب وآصدته أي أغلقته. والوصيد: النبات المتقارب الأصول، فهو مشترك، والله اعلم.
قوله تعالى: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ﴾ قرأ الجمهور بكسر الواو. والأعمش ويحيى بن وثاب بضمها. ﴿لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً﴾ أي لو أشرفت عليهم لهربت منهم. ﴿وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً﴾ أي لما حفهم الله تعالى من الرعب واكتنفهم من الهيبة. وقيل: لوحشة مكانهم؛ وكأنهم آواهم الله إلى هذا المكان الوحش في الظاهر لينقر الناس عنهم. وقيل: كان الناس محجوبين عنهم بالرعب، لا يجسر أحد منهم على الدنو إليهم. وقيل: الفرار منهم لطول شعورهم وأظفارهم؛ وذكره المهدوي والنحاس والزجاج والقشيري. وهذا بعيد؛ لأنهم لما استيقظوا قال بعضهم لبعض: لبثنا يوما أو بعض يوم. ودل هذا على أن شعورهم وأظفارهم كانت بحالها؛ إلا أن يقال: إنما قالوا ذلك قبل أن ينظروا إلى أظفارهم وشعورهم. قال ابن عطية: والصحيح في أمرهم أن الله عز وجل حفظ لهم الحالة التي ناموا عليها لتكون لهم ولغيرهم فيهم


الصفحة التالية
Icon