وخير أملا في الآخرة لمن أحسن إليهن. يدل عليه ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي امرأة مسكينة.. الحديث، وقد ذكرناه في سورة النحل في قوله: ﴿يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ﴾ [النحل: ٥٩] الآية. وروي عن النبي ﷺ أنه قال: "لقد رأيت رجلا من أمتي أمر به إلى النار فتعلق به بناته وجعلن يصرخن ويقلن رب إنه كان يحسن إلينا في الدنيا فرحمه الله بهن". وقال قتادة في قوله تعالى: ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً﴾ [الكهف: ٨١] قال: أبدلهما منه ابنة فتزوجها نبي فولدت له اثني عشر غلاما كلهم أنبياء.
الآية: ٤٧ ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً﴾ قال بعض النحويين: التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسير الجبال. قال النحاس: وهذا غلط من أجل الواو وقيل: المعنى واذكر يوم نسير الجبال، أي نزيلها من أماكنها من على وجه الأرض، ونسيرها كما نسير السحاب؛ كما قال في آية أخرى ﴿وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ [النمل: ٨٨]. ثم تكسر فتعود إلى الأرض؛ كما قال: ﴿وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً﴾ [الواقعة: ٦]. وقرأ ابن كثير والحسن وأبو عمرو وابن عامر "ويوم تسير" بتاء مضمومة وفتح الياء. و"الجبال" رفعا على الفعل المجهول. وقرأ ابن محيصن ومجاهد "ويوم تسير الجبال" بفتح التاء مخففا من سار. "الجبال" رفعا. دليل قراءة أبي عمرو ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾. ودليل قراءة ابن محيصن "وتسير الجبال سيرا". واختار أبو عبيد القراءة الأولى "نسير" بالنون لقوله "وحشرناهم". ومعنى "بارزة" ظاهرة، وليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان؛ أي قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها، وهدم بنيانها؛ فهي بارزة ظاهرة. وعلى هذا القول أهل التفسير. وقيل: ﴿وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً﴾ أي برز ما فيها من الكنوز والأموات؛ كما قال: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا