وغيرهم، حتى قال النضر بن الحارث: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ الآية، فاستعجل العذاب.
قلت: قد يستدل الضحاك بقول عمر رضي الله عنه: وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر؛ خرجه مسلم والبخاري. وقال الزجاج: هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم، وهو كقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ [هود: ٤٠]. وقيل: هو يوم القيامة أو ما يدل على قربها من أشراطها. قال ابن عباس: لما نزلت ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١] قال الكفار: إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون، فأمسكوا وانتظروا فلم يروا شيئا، فقالوا: ما نرى شيئا فنزلت: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ [الأنبياء: ١] الآية. فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة، فامتدت الأيام فقالوا: ما نرى شيئا فنزلت ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ فوثب رسول الله ﷺ والمسلمون وخافوا؛ فنزلت ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ فاطمأنوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين" وأشار بأصبعيه: السبابة والتي تليها. يقول: "إن كادت لتسبقني فسبقتها". وقال ابن عباس: كان بعث النبي ﷺ من أشراط الساعة، وأن جبريل لما مر بأهل السماوات مبعوثا إلى محمد ﷺ قالوا الله أكبر، قد قامت الساعة.
قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي تنزيها له عما يصفونه به من أنه لا يقدر على قيام الساعة، وذلك أنهم يقولون: لا يقدر أحد على بعث الأموات، فوصفوه بالعجز الذي لا يوصف به إلا المخلوق، وذلك شرك. وقيل: ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي عن إشراكهم. وقيل: "ما" بمعنى الذي أي ارتفع عن الذين أشركوا به.