الآية: ٣ ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ أي للزوال والفناء. وقيل: "بالحق" أي للدلالة على قدرته، وأن له أن يتعبد العباد بالطاعة وأن يحيى بعد الموت. ﴿تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي من هذه الأصنام التي لا تقدر على خلق شيء.
الآية: ٤ ﴿خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾
قوله تعالى: ﴿خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ لما ذكر الدليل على توحيده ذكر بعده الإنسان ومناكدته وتعدي طوره. و"الإنسان" اسم للجنس. وروي أن المراد به أبي بن خلف الجمحي، جاء إلى النبي ﷺ بعظم رميم فقال: أترى يحيي الله هذا بعد ما قد رم. وفي هذا أيضا نزل ﴿أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ [يس: ٧٧] أي خلق الإنسان من ماء يخرج من بين الصلب والترائب، فنقله أطوارا إلى أن ولد ونشأ بحيث يخاصم في الأمور. فمعنى الكلام التعجب من الإنسان ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ﴾ [يس: ٧٨] وقوله: ﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ﴾ أي مخاصم، كالنسيب بمعنى المناسب. أي يخاصم الله عز وجل في قدرته. و ﴿مُبِينٌ﴾ أي ظاهر الخصومة. وقيل: يبين عن نفسه الخصومة بالباطل. والمبين: هو المفصح عما في ضميره بمنطقه.
الآية: ٥ ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾
فيه ثلاث مسائل
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ﴾ لما ذكر الإنسان ذكر ما من به عليه. والأنعام: الإبل والبقر والغنم. وأكثر ما يقال: نعم وأنعام للإبل، ويقال للمجموع ولا يقال للغنم مفردة. قال حسان: