الحق الذي في ظهورها وبقي الحق الذي في رقابها؛ قيل: قد روي "لا ينسى حق الله فيها" ولا فرق بين قوله: "حق الله فيها" أو "في رقابها وظهورها" فإن المعنى يرجع إلى شيء واحد؛ لأن الحق يتعلق بجملتها. وقد قال جماعة من العلماء: إن الحق هنا حسن ملكها وتعهد شبعها والإحسان إليها وركوبها غير مشقوق عليها؛ كما جاء في الحديث "لا تتخذوا ظهورها كراسي". وإنما خص رقابها بالذكر لأن الرقاب والأعناق تَسْتعّار كثيرا في مواضع الحقوق اللازمة والفروض الواجبة؛ ومنه قوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] وكثر عندهم استعمال ذلك واستعارته حتى جعلوه في الرباع والأموال؛ ألا ترى قول كثير:

غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا غلقت لضحكته رقاب المال
وأيضا فإن الحيوان الذي تجب فيه الزكاة له نصاب من جنسه، ولما خرجت الخيل عن ذلك علمنا سقوط الزكاة فيها. وأيضا فإيجابه الزكاة في إناثها منفردة دون الذكور تناقض منه. وليس في الحديث فصل بينهما. ونقيس الإناث على الذكور في نفي الصدقة بأنه حيوان مقتنى لنسله لا لدره، ولا تجب الزكاة في ذكوره فلم تجب في إناثه كالبغال والحمير. وقد روي عنه أنه لا زكاة في إناثها وإن انفردت كذكورها منفردة، وهذا الذي عليه الجمهور. قال ابن عبدالبر: الخبر في صدقة الخيل عن عمر صحيح من حديث الزهري وغيره. وقد روي من حديث مالك، ورواه عنه جويرية عن الزهري أن السائب بن يزيد قال: لقد رأيت أبي يقوم الخيل ثم يدفع صدقتها إلى عمر. وهذا حجة لأبي حنيفة وشيخه حماد بن أبي سليمان، لا أعلم أحدا من فقهاء الأمصار أوجب الزكاة في الخيل غيرهما. تفرد به جويرية عن مالك وهو ثقة.
الثامنة :-قوله تعالى: ﴿وَزِينَةً﴾ منصوب بإضمار فعل، المعنى: وجعلها زينة. وقيل: هو مفعول من أجله. والزينة: ما يتزين به، وهذا الجمال والتزيين وإن كان من متاع الدنيا فقد أذن الله سبحانه لعباده فيه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الإبل عز


الصفحة التالية
Icon