قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ قراءة العامة "تدعون" بالتاء لأن ما قبله خطاب. روى أبو بكر عن عاصم وهبيرة عن حفص "يدعون" بالياء، وهي قراءة يعقوب. فأما قوله: ﴿مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾ فكلهم بالتاء على الخطاب؛ إلا ما روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه قرأ بالياء. ﴿لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً﴾ أي لا يقدرون على خلق شيء ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾. ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ أي هم أموات، يعني الأصنام، لا أرواح فيها ولا تسمع ولا تبصر، أي هي جمادات فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها بالحياة. ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ يعني الأصنام. ﴿أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ وقرأ السلمي، "إيان" بكسر الهمزة، وهما لغتان، موضعه نصب بـ "يبعثون" وهي في معنى الاستفهام. والمعنى: لا يدرون متى يبعثون. وعبر عنها كما عبر عن الآدميين؛ لأنهم زعموا أنها تعقل عنهم وتعلم وتشفع لهم عند الله تعالى، فجرى خطابهم على ذلك. وقد قيل: إن الله يبعث الأصنام يوم القيامة ولها أرواح فتتبرأ من عبادتهم، وهي في الدنيا جماد لا تعلم متى تبعث. قال ابن عباس؛ تبعث الأصنام وتركب فيها الأرواح ومعها شياطينها فيتبرؤون من عبدتها، ثم يؤمر بالشياطين والمشركين إلى النار. وقيل: إن الأصنام تطرح في النار مع عبادتها يوم القيامة؛ دليله ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ [الأنبياء: ٩٨]. وقيل: تم الكلام عند قوله: ﴿لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أموات، وهذا الموت موت كفر. ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ أي وما يدري الكفار متى يبعثون، أي وقت البعث؛ لأنهم لا يؤمنون بالبعث حتى يستعدوا للقاء الله وقيل: أي وما يدريهم متى الساعة، ولعلها تكون قريبا.
الآية: ٢٢ ﴿إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾
الآية: ٢٣ ﴿لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ﴾