في الحلم وقال له قم فخذ الصبي وأمه واذهب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك، فإن هيرودس مزمع أن يطلب عيسى ليهلكه فقام من نومه وامتثل أمر ربه وأخذ السيد المسيح ومريم أمه وجاء إلى مصر، وفي حال مجيئه إلى مصر نزل ببئر البلسان التي بظاهر القاهرة وغسلت ثيابه على ذلك البئر فالبلسان لا يطلع ولا ينبت إلا في تلك الأرض ومنه يخرج الدهن الذي يخالط الزيت الذي تعمد به النصارى ولذلك كانت قارورة واحدة في أيام المصريين لها مقدار عظيم، وتقع في نفوس ملوك النصارى مثل ملك القسطنطينية وملك صقلية وملك الحبشة وملك النوبة وملك الفرنجة وغيرهم من الملوك عندما يهاديهم به ملوك مصر موقعا جليلا جدا وتكون أحب إليهم من كل هدية لها قدر وفي تلك السفرة وصل السيد المسيح إلى مدينة الأشمونين وقسقام المعروفة الآن بالمحرقة فلذلك يعظمها النصارى إلى الآن، ويحضروا إليها في عيد الفصح من كل مكان؛ لأنها نهاية ما وصل إليها من أرض مصر، ومنها عاد إلى الشام. والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلَّهِ﴾ أي ما ينبغي له ولا يجوز ﴿أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ﴾ "من" صلة للكلام؛ أي أن يتخذ ولدا. و"أن" في موضع رفع اسم "كان" أي ما كان لله أن يتخذ ولدا؛ أي ما كان من صفته اتخاذ الولد، ثم نزه نفسه تعالى عن مقالتهم فقال: ﴿سُبْحَانَهُ﴾ أن يكون له ﴿إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ تقدم. ﴿وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾ قرأ أهل المدينة وابن كثير وأبو عمرو بفتح "أن" وأهل الكوفة "وإن" بكسر الهمزة على أنه مستأنف. تدل عليه قراءة أبي ﴿كُنْ فَيَكُونُ. إِنَّ اللَّهَ﴾ بغير واو على العطف على ﴿قَالَ إِنِّي عبد اللَّهِ﴾ وفي الفتح أقوال: فمذهب الخليل وسيبويه أن المعنى؛ ولأن الله ربي وربكم، وكذا ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ فـ "أن" في موضع نصب عندهما. وأجاز الفراء أن يكون في موضع خفض على حذف اللام، وأجاز أن يكون أيضا في موضع