ماء الشجرة ولا نعمة الخضرة تغيران حسن ضوء النار. وذكر المهدوي: فرأى النار - فيما روي - وهي في شجرة من العليق، فقصدها فتأخرت عنه، فرجع وأوجس في نفسه خيفة، ثم دنت منه وكلمه الله عز وجل من الشجرة. الماوردي: كانت عند موسى نارا، وكانت عند الله تعالى نورا. وقرأ حمزة ﴿لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ بضم الهاء، وكذا في “القصص”. قال النحاس هذا على لغة من قال: مررت به يا رجل؛ فجاء به على الأصل، وهو جائز إلا أن حمزة خالف أصله في هذين الموضعين خاصة. وقال: ﴿امْكُثُوا﴾ ولم يقل أقيموا، لأن الإقامة تقتضي الدوام، والمكث ليس كذلك و ﴿آنَسْتُ﴾ أبصرت، قاله ابن العربي. ومنه قوله ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً﴾ [النساء: ٦] أي علمتم. وآنست الصوت سمعته، والقبس شعلة من نار، وكذلك المقياس. يقال قبست منه نارا أقبس قبسا فأقبسني أي أعطاني منه قبسا، وكذلك اقتبست منه نارا واقتبست منه علما أيضا أي استفدته، قال اليزيدي: أقبست الرجل علما وقبسته نارا؛ فإن كنت طلبتها له قلت أقبسته. وقال الكسائي: أقبسته نارا أو علما سواء. وقال: وقبسته أيضا فيهما. ﴿هُدىً﴾ أي هاديا.
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا﴾ يعني النار ﴿نُودِيَ يَا مُوسَى﴾ أي من الشجرة كما في سورة “القصص” أي من جهتها وناحيتها على ما يأتي ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾.
قوله تعالى: ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً﴾
فيه خمس مسائل:-
الأولى: قوله تعالى ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال: "كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف وسراويل صوف وكانت نعلاه من جلد حمار ميت" قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حميد الأعرج [حميد - هو ابن علي الكوفي - ] منكر الحديث، وحميد بن قيس الأعرج المكي صاحب مجاهد ثقة؛ والكمة القلنسوة الصغيرة. وقرأ العامة ﴿إني﴾ بالكسر؛ أي نودي فقيل له يا موسى إني، واختاره أبو عبيد. وقرأ أبو عمرو وابن كثير