قلت: وعلى هذا القول تكون اللام في ﴿لِتُجْزَى﴾ متعلقة بـ ﴿أُخْفِيهَا﴾. وقال أبو عليك هذا من باب السلب وليس من باب الأضداد، ومعنى ﴿أُخْفِيهَا﴾ أزيل عنها خفاءها، وهو سترها كخفاء الأخفية [وهي الأكسية] والواحد خفاء بكسر الخاء [ما تلف به] القربة، وإذا زال عنها سترها ظهرت. ومن هذا قولهم: أشكيته، أي أزلت شكواه، وأعديته أي قبلت استعداء ولم أحوجه إلى إعادته. وحكى أبو حاتم عن الأخفش: أن “كاد” زائدة موكدة. قال: ومثله ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ [النور: ٤٠] لأن الظلمات التي ذكرها الله تعالى بعضها يحول بين الناظر والمنظور إليه. وروى معناه عن ابن جبير، والتقدير: إن الساعة آتية أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى. وقال الشاعر:
سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه | فما إن يكاد قرنه يتنفس |
أراد فما يتنفس. وقال آخر:وألا ألوم النفس فيما أصابني | وألا أكاد بالذي نلت أنجح |
معناه: وألا أنجح بالذي نلت؛ فأكاد توكيد للكلام. وقيل: المعنى
﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ أي أقارب ذلك؛ لأنك إذا قلت كاد زيد يقوم، جاز أن يكون قام، وأن يكون لم يقم. ودل على أنه قد أخفاها بدلالة غير هذه على هذا الجواب. قال اللغويون: كدت أفعل معناه عند العرب: قاربت الفعل ولم أفعل، وما كدت أفعل معناه: فعلت بعد إبطاء. وشاهده قول الله عزت عظمته
﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١] معناه: وفعلوا بعد إبطاء لتعذر وجدان البقرة عليهم. وقد يكون ما كدت أفعل بمعنى ما فعلت ولا قاربت إذا أكد الكلام بـ
﴿أَكَادُ﴾. وقيل: معنى
﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ أريد أخفيها. قال الأنباري: وشاهد هذا قول الفصيح من الشعر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة | لو عاد من لهو الصبابة ما مضى |
معناه: أرادت وأردت. وقال ابن عباس وأكثر المفسرين فيما ذكر الثعلبي إن المعنى أكاد أخفيها من نفسي؛ وكذلك هو في مصحف أبي. وفي مصحف ابن مسعود: أكاد